أخيرا في تجربة جديدة تمكن العلماء من تحويل الرصاص لذهب في مصادم الجسيمات سيرن!

من زمن الخيميائيين اللي حلموا بتحويل الرصاص لذهب، لحد أكبر معمل في العالم تحت الأرض بين سويسرا وفرنسا… العلم قدر يحقق حلم كانوا بيسموه زمان “الكريسوبيا”.

في مصادم الهدرونات الكبير CERN، العلماء قدروا بالفعل يحوّلوا نواة الرصاص لذهب باستخدام فيزياء نووية مرعبة، وسرعات قريبة من سرعة الضوء، وتفاعل بيحصل في جزء من التريليون من الثانية!

في المقال ده، بنكشف القصة الكاملة:
كيف حاول الخيميائيون؟
إزاي CERN حققت التحويل فعلًا؟
إيه دور كاشف ALICE؟
وهل نقدر فعلًا نصنع الذهب ونبقى أغنياء؟ ولا ده مجرد اكتشاف علمي أعمق من فكرة الثروة؟

استعد لرحلة في عالم الفيزياء الذرية، فهم التفكك الكهرومغناطيسي، وإزاي فوتون واحد قادر يغيّر نواة عنصر بالكامل!
تابع للنهاية عشان تعرف ليه اللحظة دي مش مجرد حدث، لكنها نقلة في فهم الكون ونشأة العناصر في النجوم.

لو بتحب العلوم والظواهر الكونية اللي بتقلب الموازين، اضغط لايك واشترك وخليك معانا…
العلم مش سحر ✨ لكنه أقوى من السحر.

✨ الكريسوبيا الحديثة: تحويل الرصاص إلى ذهب في LHC


من زمان أوي ومن قرون فاتت، الخيميائيين كانوا بيحلموا بحلم مجنون: إنهم يحوّلوا الرصاص – المعدن الرخيص والباهت – إلى ذهب، المعدن النادر اللي ناس كتير شافته رمز للثراء الأبدي. حاولوا بكل الطرق، خلطات، تعاويذ، وأوهام… بس في الآخر، مافيش حاجة نفعت.

لكن النهارده، في القرن الواحد والعشرين، وبمشهد علمي خيالي بيحصل تحت الأرض على حدود سويسرا وفرنساالحلم ده اتحقق! أيوه، العلماء في مصادم الهدرونات الكبير (LHC) قدروا يخلوا الرصاص يتحول لذهب فعليًا.

مش سحر، مش خرافة، ولا كيمياء بدائية… دي فيزياء نووية من المستقبل، وفوق كده، ده محصلش من اصطدام مباشر، لأ… من مجرد مرور نواتين جنب بعض بسرعات قريبة من سرعة الضوء! وحصلت حاجة غريبة جدًا، بتحصل في جزء من التريليون من الثانية…

الموضوع مش عن إننا نصنع ذهب ونتغنى بالثروة، لأ، القصة أعمق بكتير… دي رحلة لفهم فيزياء الكون في أنقى حالاتها. إزاي فوتون بسيط يقدر يغير نواة عنصر بالكامل؟ وإزاي بنحاكي لحظة من لحظات الانفجار العظيم في كل تجربة؟

في المقال ده، هاخدك في رحلة مذهلة داخل مصادم الجسيمات، وهتعرف إزاي العلم بيقلب مفاهيم كنا فاكرينها مستحيلة. فهل فعلاً اكتشفنا كيمياء الخلود؟ وهل الذهب اللي اتكون… كان كفاية يخلينا نعيد التفكير في كل قوانين المادة والطبيعة؟



🧪 محاولات الخيميائيين سابقا في تحويل المعادن إلى ذهب


كان زمان… قبل ما نعرف يعني إيه ذرة ويعني إيه نواة، كان في ناس ماشية في الشوارع الخلفية للمدن القديمة، لابسين أردية سودة، وعلى وشوشهم علامات من التفكير والتأمل، ماسكين قوارير وأنابيب فيها سوايل بتغلي وأبخرة بتطلع… دول كانوا الخيميائيين.

الناس دي كان عندها حلم غريب، لكنه بسيط… كانوا عايزين يحولوا الرصاص، المعدن الرخيص اللي موجود في كل مكان، لـذهب… المعدن النادر، الغالي، اللي دايمًا كان رمز للقوة والثراء والخلود. حلم سموه “الكريسوبيا” وهو فن تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب.

بس الموضوع مكنش خرافة بالنسبة لهم… لأ دول كانوا شايفين إن الرصاص مش معدن تافه، إنما هو ذهب “مريض” ومحتاج علاج… محتاج “تنقية“. وكانوا بيقيسوا بكثافة المعدنين، بلونهم وبقوامهم… وقالوا لنفسهم: أكيد ده ممكن يحصل. ولسنين وسنين، والناس دي فضلت تحاول تخلط، تسخّن، تبرد، تضيف زئبق، تشيل كبريت… لكن النتيجة؟ صفر. ولإن الكيمياء وقتها ماكنتش فاهمة إن الرصاص والذهب هما عنصرين مختلفين تمامًا، وده معناه إنك مش هتقدر تبدّل بينهم بس بإيدك.

بس تخيّل معايا… بعد قرون من الفشل، هل ممكن العلم يحقق الحلم اللي سابوه؟ هل ممكن نلاقي المفتاح اللي يفتح بوابة الكريسوبيا من تاني، لكن بأسلوب عصري؟



💥 خبر انتاج الذهب في سيرن: التحويل النووي


في وقت قريب جدًا، نزل خبر هزّ مجتمع الفيزياء: في مصادم الهدرونات الكبير (LHC) التابع لـ سيرن (CERN)، العلماء قدروا فعليًا يحققوا الحلم القديم ده. آه، حوّلوا الرصاص لذهب.

ومكنش مجرد تحويل رمزي، ولا استعارة، ولا تجريب كيميائي غريب… لأ ده كان تحويل نووي حقيقي. وكان في تجربة ضمن مشروع ضخم اسمه ALICE، الباحثين رصدوا تحول نواة رصاص حقيقية لـ نواة ذهب، وكل ده حصل بسبب نوع معين من التفاعلات الفيزيائية في ظروف شبه مستحيلة.

بس قبل ما تندهش أكتر، خليني أقولك… الموضوع مش بسيط خالص. اللي حصل هو نتيجة ظروف مرعبة بين نوى رصاص، بتمشي بسرعة تساوي تقريبًا سرعة الضوء (99.999993% من سرعة الضوء تحديدًا). ولما بيحصل تصادم مباشر أو حتى اقتراب خطير بين النوى دي، بينشأ مجال كهرومغناطيسي مرعب… بيكون لدرجة كافية تخلي النواة نفسها تفقد بعض البروتونات وتحديدًا 3 منها وده بالظبط يخلي الرصاص (اللي فيه 82 بروتون) يتحول لـ ذهب (اللي فيه 79 بروتون).

هتقولي يا لهوي يا عُمدة يعني كده حلم القرون الوسطى اتحقق؟ طيب إزاي عرفوا ده؟ مين اللي شافه؟ ومين اللي قاسه؟



🛰️ كاشف ALICE ودوره في المهمة


بص يا صديقي اللي رصد الحدث ده كانوا أجهزة اسمها ZDCs – Zero Degree Calorimeters، ودي من أكتر الأجهزة الحساسة الموجودة جوه كاشف ALICE. وعلشان تفهم قد إيه الأجهزة دي خطيرة، فخليني أقولك: هي قادرة تميّز الفرق بين نواة رصاص فقدت بروتون واحد أو اثنين أو تلاتة… يعني بتقيس بدقة مذهلة.

كاشف ALICE نفسه معمول علشان يدرس حالات نادرة جدًا من المادة، زي بلازما الكوارك-غلوون، واللي العلماء بيعتقدوا إنها كانت موجودة بعد الانفجار العظيم بلحظات. بس في الوقت ده وبالصدفة، كان الكاشف بيراقب تفاعل مش مباشر… نواتين رصاص بيعدّوا جنب بعض بسرعة خرافية… وبدون ما يتلامسوا، المجال الكهرومغناطيسي اللي بينهم كان كافي علشان يحصل “تفكك كهرومغناطيسي“، وتفقد النواة تلاتة من بروتوناتها.

وهنا… تولد الذهب.



⚙️ كيفية انتاج الذهب والعملية وآليتها وسلبياتها


لحد هنا، كل حاجة كانت ماشية كويس. عرفنا إزاي الأجهزة رصدت اللحظة اللي الرصاص اتغير فيها لذهب، وشفنا بعنينا في البيانات إزاي العملية حصلت. بس لحظة… يعني الرصاص بقى ذهب كده وخلاص؟ هو الفرق بين الاتنين بسيط للدرجة دي؟

الحقيقة لأ… الفرق بينهم جوهري، ولو حتى كان يبان إنه بسيط من ناحية الجدول الدوري. فالرصاص فيه 82 بروتون، والذهب 79… يعني عايز تشيل تلات بروتونات علشان تتحول من واحد للتاني. بس دي مش شغلانة بسيطة. أنت مش بتلعب في مكونات سطحية، أنت بتغير هوية العنصر من الجذور. البروتونات دي هي اللي بتحدد مين هو العنصر أساسًا.

ولما العلماء في سيرن قدروا يعملوا ده، حتى لو حصل عن طريق “الاقتراب الشديد” ومش تصادم مباشر، ولكنها كانت لحظة تستحق التوثيق فعلًا. بس للأسف، فرحة الحدث ماكنتش كاملة… وده يدخلنا في واحدة من سلبيات التجربة.

الذهب اللي اتكوّن… عمره قصير جدًا. بيتخلق، يطير بسرعة مهولة، ويخبط في أنابيب المصادم أو في حاجز تاني و… ينتهي. آه، لحظة وجوده حقيقية، لكن عمره لا يتجاوز أجزاء من الثانية. غير كده؟ الكمية نفسها… متواضعة جدًا. في الفترة من 2015 لـ2018، قدروا العلماء يرصدوا تكوين حوالي 86 مليار نواة ذهب. ويمكن تفتكره رقم ضخم؟ لكنه في الحقيقة مش أوي، لإن لما نعرف إن وزنهم الإجمالي حوالي 29 بيكوغرام بس! يعني $0.000000000029 \text{ جرام}$. حتى لو جمّعتهم كلهم، مش هيكفوا تعمل بيهم غويشة لبنت عروسة!

فـ صحيح إن الحلم اتحقق… لكن بشكل رمزي، علمي، ومش تجاري أبدا.

طيب نرجع تاني: العملية دي حصلت إزاي تحديدًا؟ بمعنى أدق، إيه اللي حصل جوا المصادم؟ اللي بيحصل باختصار هو إن نواة الرصاص بتمشي بسرعة مهولة، وتعدّي جنب نواة تانية، من غير ما تلمسها. لكن اللي بيحصل في اللحظة دي، إن المجال الكهرومغناطيسي الكاسح اللي حوالين كل نواة بيولد طاقة ضخمة في شكل “فوتونات“، ودي بتتفاعل مع النواة التانية. التفاعل ده بيكون قوي لدرجة إنه بيكسر روابط في النواة ويخلّيها تطرد بروتونات ونيوترونات. وفي بعض الحالات، النتيجة بتكون نواة جديدة، عدد بروتوناتها بقى أقل بـ3 بالضبط، ودي بنسميها “نواة ذهب“.

بس اللي مثير أكتر، إن العملية دي مش بس بتنتج ذهب… لأ، في عناصر تانية كمان بتتولد، وده بيحصل لو النواة فقدت بروتون أو اتنين بدل تلاتة. يعني باختصار، سيرن مش بس أنتجت ذهب، لكن كأنهم عملوا “ورشة كونية” للعنصر، بيتشكل فيها الرصاص من جديد حسب عدد البروتونات اللي اتسحبوا منه!



🎯 لماذا تعتبر النتائج مهمة


بس اللي يخلي النتائج دي مش مجرد حدث عادي في سيرن، هو القيمة اللي وراها… يعني إيه؟ يعني العلماء اللي شغالين على التجربة دي، وبالذات فريق ALICE، مش بيجربوا علشان يطلّعوا شوية ذهب والسلام. لأ، هما بيستخدموا التجربة دي كنموذج صغير لفهم أعقد الحاجات اللي بتحصل جوا الكون.

الباحثين قدروا يطوّروا أدواتهم ويفهموا من خلالها تفاعلات كهرومغناطيسية نادرة جداً، وفي غاية التعقيد، زي “التفكك الكهرومغناطيسي“، واللي ممكن يغير شكل النواة من غير ما يحصل تصادم مباشر. وكمان النماذج النظرية اللي عندهم، اتطورت أكتر نتيجة الملاحظات دي. يعني التجربة ماكانتْش مجرد صدفة، دي كانت مفتاح جديد لفهم أعمق للجاذبية، للمجالات الكهرومغناطيسية، ولإزاي الطاقة بتتصرف على المستوى النووي.

لكن… هل ده معناه إننا نقدر بكرة نفتح مصنع ونحوّل الرصاص لذهب ونبقى أغنياء؟ الإجابة بكل وضوح: لأ. والسبب بسيط. العملية دي محتاجة طاقة مهولة، وسرعة قريبة من سرعة الضوء، وأجهزة بمليارات الدولارات زي مصادم الهدرونات الكبير. وكمان، الذهب الناتج عمره قصير جدًا، وبيتحلل فورًا قبل ما حتى تلحق تحوشه.

بس الأهم من الفلوس والذهب، هو إننا ابتدينا نشوف ملامح جديدة للفيزياء النووية. إزاي النواة ممكن تتصرف تحت ضغط غير عادي، إزاي الفوتونات بتقدر تغير بنية المادة، وإزاي حتى بدون تصادم، الكون يقدر يعيد تشكيل عناصره من جديد.

وعلشان كده، مهم جدًا نفهم الفرق بين اللي كان بيحلم بيه الخيميائيين زمان، واللي حصل فعلًا دلوقتي. الخيميائيين كانوا فاكرين إن ممكن نغيّر العنصر باستخدام تفاعلات كيميائية، يعني نطبّخ الرصاص في حمض أو نضيفله شوية زئبق في نار معينة… ويتحول للذهب! لكن الكيمياء مش قادرة تغيّر هوية العنصر، لأن عدد البروتونات في النواة هو اللي بيحدد نوعه، وده مش بيتغير إلا من خلال عمليات نووية، مش كيميائية.

يعني الفرق بين زمان ودلوقتي؟ هو إن زمان كان حلم… دلوقتي بقى علم.



✉️ الخاتمة: رسالة من قلب المصادم


الخاتمة بقى… إن المشهد ده كله بيخليك تحس إن الكون لسه بيخبّي في جعبته أسرار مذهلة. الناس اللي زمان كانت بتدور على “حجر الفلاسفة“، دلوقتي العلماء في سيرن مسكوا طرف الخيط بآلات معقدة وعيون مدربة، وشافوا الحلم بيتحقق… ولو لجزء من الثانية.

واللي جاي؟ إنه ممكن نلاقي طرق نفهم بيها نشأة العناصر في النجوم، أو إزاي بيحصل التفاعل في الانفجارات النجمية، أو حتى نعيد تخيّل الجدول الدوري بشكل جديد تمامًا. اللي حصل في سيرن مش مجرد لعبة مع الذهب، لكنه رسالة… مفادها إن الكون مش ثابت، وإن العلم دايمًا بيكسر المستحيل، وإن الحلم مهما طال عليه الزمن، ممكن يلاقي طريقه للنور. بس بدل ما ندور على السحر، لازم ندور على الفهم. وبدل ما ننتظر المعجزة، لازم نخلقها بالعلم.

شارك

Newsletter Updates

Enter your email address below and subscribe to our newsletter

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *