في لحظة استثنائية داخل قاعة نوبل لعام 2025، العالم كله وقف مذهول وهو بيشاهد تتويج ثلاثة علماء — جون كلارك، ميشيل ديفوريت، وجون مارتينيس — بجائزة نوبل في الفيزياء، بعد ما قدروا يحققوا اللي كان لسنين مجرد حلم:
إنهم يخلّوا نظام كهربائي كبير يتصرف كأنه جسيم كمومي واحد!
من خلال تصميم دوائر فائقة التوصيل (Superconducting Circuits)، قدروا يثبتوا إن ظواهر ميكانيكا الكم — زي النفق الكمومي (Quantum Tunneling) والتكميم الطاقي (Energy Quantization) — ممكن تظهر مش بس في الإلكترونات أو الذرات، لكن في أنظمة مرئية ومقاسة.
وده بيغيّر نظرتنا بالكامل للواقع، وبيفتح الباب لفهم جديد:
العالم اللي حوالينا مش كلاسيكي زي ما بنفتكر… بل كمومي أكتر مما كنا متخيلين!
الإنجاز ده مش مجرد تجربة، ده ثورة علمية بتمهّد الطريق لتكنولوجيا المستقبل:
💻 الحواسيب الكمومية القادرة على حل مسائل مستحيلة في ثوانٍ.
🔒 التشفير الكمومي اللي بيجعل سرية المعلومات مستحيلة الكسر.
🧭 المستشعرات الكمومية اللي هتغير عالم الطب والملاحة واستكشاف الفضاء.
قصة نوبل 2025 مش بس عن علم معقّد، لكنها عن الحلم البشري في تحويل النظريات الغريبة لواقع ملموس، وعن شغف ثلاث علماء آمنوا إن العالم اللي بنشوفه ما هو إلا جزء صغير من واقع أعمق بكثير.
🥇 نوبل 2025: الدائرة الكهربائية التي أثبتت أن الكون كمومي
السنة ديه العالم كله وقف بيتفرج على لحظة استثنائية في قاعة نوبل، وده لإن تلات علماء مش من اللي بيظهروا على أغلفة المجلات، ولا من اللي ليهم متابعين بالملايين… عملوا تجربة غيرت نظرتنا للواقع نفسه!
تجربة صغيرة جدًا، بحجم شريحة إلكترونية ممكن تمسكها في إيدك، لكنها قلبت موازين الفيزياء من أولها لآخرها.
جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 راحت لثلاثة أسماء: جون كلارك، ميشيل ديفوريت، وجون مارتينيس. التلاتة دول قضوا سنين بيشتغلوا في هدوء، على دوائر كهربائية فائقة التوصيل، حاجات شكلها بسيط، لكن جواها فيزياء عجيبة جدًا.
تخيل إنهم قدروا يخلوا نظام كهربائي كامل، يتصرف مش كأنه جهاز عادي… لكن كأنه جسيم كمومي واحد! يعني حاجة تقدر تمسكها بإيدك، ومع كده بتتصرف بنفس الطريقة اللي بتتصرف بيها الإلكترونات والفوتونات جوه الذرة!
اللجنة قالت إن اكتشافهم أثبت إن ميكانيكا الكم مش حكر على العوالم الصغيرة زي الذرات والإلكترونات… لكن ممكن نلاحظها ونقيسها في أنظمة كبيرة بحجم العين نفسها. وده معناه ببساطة… إن العالم اللي حوالينا كله ممكن يكون “كمومي” أكتر مما إحنا متخيلين.
بس استنى كده… إزاي؟ إزاي تجربة كهربائية بسيطة قدرت تثبت للعالم إن ميكانيكا الكم ممكن نعيشها ونلمسها على نطاق كبير؟ وإيه اللي خلى علماء الفيزياء ينبهروا كل الانبهار بالتجربة دي بالذات؟
السؤال ده… بيرجعنا لواحد من أقدم الأسئلة اللي حيّرت الفيزيائيين على مدار التاريخ: إيه هو أكبر نظام في الكون ممكن يظهر فيه سلوك كمومي؟
❓ التحدي الأكبر: حدود السلوك الكمومي
اللي متابع سلسلة ميكانيكا الكم في قناة العلم بالملعقة، أكيد هيكون عارف إن في عالم الكم، الإلكترونات والفوتونات والذرات بتتصرف بطريقة غريبة جدًا، فممكن تكون موجة وجسيم في نفس الوقت، ممكن تتسلل من مكان لمكان حتى لو مش معاها طاقة كافية، وممكن تتواجد في أكتر من مكان مرة واحدة!
لكن لما نزود حجم النظام… لما يبقى عندنا تريليونات الجسيمات متجمعة مع بعض، كل الظواهر دي عادة بتختفي. والعلماء بيقولوا: إن البيئة وقتها بتشتت السلوك الكمومي… وكل حاجة بتتصرف كأنها كلاسيكية عادية.
والفيزيائيين زمان كانوا بيحلموا… هل ممكن نعمل نظام كبير، كبير لدرجة إنك تشوفه بعيونك، وممكن يتصرف بنفس غرابة الإلكترونات؟ العلماء كانوا دايمًا بيجادلوا: يا ترى فين حدود الغرابة ديه؟ وهل الكون كله ممكن يكون كمومي لو عرفنا إزاي نلاحظه؟ ولا في ليميت معين من بعده مش هنلاحظ صفات ميكانيكا الكم؟
ومن هنا بدأ العلماء يشوفوا التجارب اللي ممكن تثبت ده. في الستينات والسبعينات، فيه تجارب صغيرة على الذرات والفوتونات كانت بتأكد إن السلوك الكمومي حقيقي… بس السؤال الكبير فضل قائم وهو: طب وبالنسبة للأنظمة الكبيرة إيه يا ترى؟
وده اللي خلى فكرة جون كلارك وميشيل ديفوريت وجون مارتينيس تتولد… فكروا: لو عملنا تجربة مختلفة، وحاولنا نسيطر على كل الجسيمات اللي فيها، هل ممكن نشوف نفس الظواهر الغريبة؟ ودي كانت اللحظة اللي بدأ فيها الحلم يتحول لتجربة حقيقية… وبالإصرار قرروا يحققوا الحلم الصعب ده.
🥶 الديكوهرنس ووصلة جوزيفسون (أدوات النصر)
تخيل معايا مختبر صغير في أوائل الثمانينات، مليان أجهزة معقدة، أسلاك، ودوائر كهربائية، ودرجة حرارة منخفضة جدًا… تلاتة علماء واقفين قدام أحلامهم، عيونهم مليانة حماس وشغف. الرحلة ما كانتش سهلة… كانت مليانة لحظات شك، حيرة، وتجربة وخطأ طويلة. العلماء كانوا عارفين إن فيه عقبة كبيرة قدامهم، حاجة بتمنع الظواهر الكمومية من الظهور في الأشياء الكبيرة حوالينا.
فتخيل معايا كده إن الإلكترون في عالم الكم ممكن يكون في أكتر من حالة في نفس اللحظة، يعني ممكن يكون موجود في مكانين أو أكتر في وقت واحد. وده بنسميه التراكب الكمومي. وده شيء طبيعي في عالم الذرات، لكن في الأشياء الكبيرة حوالينا… ده شيء مستحيل.
والسبب في ده هو حاجة اسمها الديكوهرنس (Decoherence). الديكوهرنس ده يعني إن أي نظام كمومي، لما يتفاعل مع البيئة حواليه زي حرارة، اهتزازات، أو ضوضاء صغيرة، فوقتها التراكب ده بيختفي. النظام يبدأ يتصرف كأي جسم عادي. وده اللي خلا علماء الفيزياء يحكوا راسهم لعقود: لو ده بيحصل في كل نظام كبير، إزاي ممكن نشوف الظواهر الكمومية في حاجة أكبر من الذرات؟
التحدي كان واضح: لو عايزين نشوف الظواهر الكمومية في نظام كبير، لازم نخلق بيئة تمنع الديكوهرنس، وتحافظ على التراكب الكمومي أطول فترة ممكنة. فبدأوا يدوروا على أدوات تمكّنهم من السيطرة على الإلكترونات ومنع البيئة من كسر التراكب ده.
وده اللي وصلهم لاستخدام الموصلات الفائقة (Superconductors). الموصل الفائق مادة غريبة جدًا، بتوصل الكهرباء من غير أي مقاومة، يعني الإلكترونات تتحرك بسهولة شبه كاملة من غير ما تفقد طاقتها. وكأن الإلكترونات قررت تمشي في خط واحد متحد، بدل ما كل واحدة تمشي لوحدها. وده كان المفتاح الأول: الإلكترونات كلها بدأت تتصرف كأنها جسيم واحد ضخم، بدل ما تكون آلاف الإلكترونات الصغيرة بتتصرف بشكل مستقل.
لكن ده مش كفاية، لازم يكون فيه حاجة بتسمحلهم بإنهم يختبروا ظاهرة حقيقية من عالم الكم: وهنا ييجي دور النفق الكمومي (Quantum Tunneling). تخيل معايا جدار واقف قدام الإلكترون… في الفيزياء العادية، لو الطاقة اللي عند الإلكترون أقل من المطلوب لتخطي الجدار، الإلكترون ساعتها هيوقف عنده، ومش هيحصل حاجة. ولكن في عالم الكم، الإلكترون ممكن يعمل قفزة سحرية ويظهر على الناحية التانية من الجدار بدون ما يكون عنده طاقة كافية! الظاهرة الغريبة دي هي النفق الكمومي، واللي بتخلي كل التجربة ممتعة ومليانة دهشة.
وعشان يخلقوا النظام ده، استخدموا حاجة اسمها وصلة جوزيفسون (Josephson Junction): طبقة رقيقة جدًا من مادة عازلة بين موصلين فائقين. الإلكترونات هنا مش بتمر بالطريقة العادية، لكن بيحصل لها ظاهرة النفق الكمومي، وده خلق بيئة مثالية لدراسة الظواهر الكمومية في حاجة أكبر من الذرات.
⚡ نتائج التجربة: قفزة الجهد والتكميم
وبعد كل التحضيرات دي، بدأ العلماء فعليًا في التجربة، والمرحلة دي كانت ممتعة ومرعبة في نفس الوقت. تخيل معايا المختبر مليان أجهزة دقيقة جدًا، أسلاك متشابكة، ودوائر كهربائية صغيرة، وكل ده على درجة حرارة شبه الصفر المطلق. العلماء بيقعدوا ساعات بيظبطوا كل حاجة: التيار الكهربائي (Electric Current) بدقة شديدة، يقيسوا أي تغير في الجهد (Voltage) الناتج عن حركة الإلكترونات، وبيحاولوا يمنعوا أي تداخل من البيئة. حتى الاهتزازات والضوضاء الصغيرة كان ليها تأثير، فلازم يعزلوها تمامًا.
ولما شغّلوا الدائرة، حصل شيء مذهل…
أول حاجة ظهرت في التجربة كانت ظاهرة النفق الكمومي (Quantum Tunneling). الإلكترونات أو النظام كله المكون من آلاف الإلكترونات كان متوقف عند حالة ثابتة، زي ما يكون واقف قدام حاجز، وفي الفيزياء التقليدية ده حاجز مستحيل يتجاوزه لو الطاقة مش كافية. لكن في عالم الكم، الإلكترونات قامت بعملية قفز عبر الحاجز (Tunneling Through Barrier) بدون ما تمتلك الطاقة الكافية بالطريقة العادية، والنتيجة ظهرت مباشرة على شاشات القياس كـزيادة مفاجئة في الجهد (Voltage Spike).
ولتقريب الفكرة: تخيل معايا شخص واقف قدام سور طويل مش قادر يتسلقه بالطريقة العادية. في عالمنا العادي، هيفضل واقف. لكن في عالم الكم، الشخص ده فجأة يظهر على الجانب الآخر من السور بدون ما يتسلقه أو يستخدم أي سلم، كأنه عبر السور من غير ما يتحرك بالطريقة التقليدية. ده بالضبط اللي حصل مع الإلكترونات، وده خلا النظام كله يتصرف كـجسيم واحد كبير، حاجة مذهلة وغير مسبوقة لأي نظام أكبر من الذرات.
وبعد كده ظهرت حاجة تانية مذهلة، وهي التكميم (Energy Quantization): وهي إن النظام مش بيشتغل على أي طاقة عشوائية، لكنه بيختار مستويات محددة للطاقة، زي درجات سلم، وكل انتقال بيحصل بس بين المستويات ديه. وللتوضيح أكتر، تخيل معايا سلم موسيقي فيه نغمات محددة بس، مش أي صوت ممكن. النظام الكمومي كأنه بيعزف على السلم ده، كل قفزة للطاقة زي نغمة محددة، ومفيش إمكانية للعزف بين النغمات. العلماء قدروا يشوفوا التكميم ده في نظام كبير بما يكفي نحمله بإيدينا، وده دليل إضافي إن خصائص ميكانيكا الكم ممكن تظهر في أشياء كبيرة حوالينا مش بس جوه الذرات.
الأمر الأكثر إثارة هو الربط بين النفق الكمومي والتكميم، لأن النفق سمح للنظام بالانتقال بين مستويات الطاقة المكممة بشكل مباشر، وكل قفزة للطاقة كانت بتظهر على الأجهزة كـنبضة قابلة للقياس (Measurable Pulse) وكإن النظام نفسه بيعلن عن حالته الجديدة. اللحظة دي كانت بمثابة الجسر اللي ربط بين عالم الذرات وعالمنا الكبير، وأكد إن الظواهر الكمومية ممكن تتحقق عمليًا، مش بس في المعادلات النظرية.
🚀 الخاتمة: تطبيقات العصر الكمومي
ودلوقتي، السؤال الكبير اللي كل متابع علم بيطرحه: يعني إيه الاكتشاف ده بالنسبة لينا وللعالم؟
أول حاجة، الاكتشاف ده بيأكد إن الظواهر الكمومية مش مقتصرة على الذرات والجسيمات الصغيرة، لكن ممكن تظهر في أشياء كبيرة بما يكفي نحسها ونقيسها. ده معناه إن أي نظام كبير، لو اتحكمنا فيه صح، ممكن نستغله للتكنولوجيا الحديثة. وده بالضبط اللي العلماء بدأوا يشتغلوا عليه: التحكم في أنظمة كمومية كبيرة بثبات، وده الأساس لكل التطبيقات المستقبلية.
أهم التطبيقات اللي الاكتشاف ده فتح لها الباب هي الحواسيب الكمومية (Quantum Computers). تخيل معايا جهاز صغير ممكن يحل مسائل رياضية أو مسائل فيزياء معقدة في ثواني، حاجة كانت مستحيلة على أقوى الحواسيب التقليدية. ومش بس هتسرع الحسابات الضخمة، لكنها ممكن تساعد في تطوير الذكاء الاصطناعي، تحسين جودة الخدمات الرقمية، وحل معادلات ما تمش حلها لحد الآن وتطوير التكنولوجيات واكتشاف نظريات جديدة، وحتى تطوير أشياء كنا بنعتقد إنها مستحيلة زي أدوية جديدة أو مواد مبتكرة.
وكمان التشفير الكمومي (Quantum Cryptography)، اللي بيخلي سرية المعلومات مضمونة بطريقة لا يمكن كسرها إلا لو اخترقت قوانين الكم نفسها. يعني كل رسالة أو معاملة مالية ممكن تتحمي بطريقة ما كناش نقدر نتخيلها قبل كده.
أما المستشعرات الكمومية (Quantum Sensors) فهي كمان ثورة: أجهزة قادرة بتقيس أي تغييرات صغيرة جدًا في المكان أو الزمن أو الجاذبية، أجهزة القياس الكمومية هتخلي نظم الملاحة أدق، سواء للطيران أو للسيارات الذاتية القيادة، وكمان ممكن تساعد في المسح الدقيق للمناطق الجغرافية واستكشاف الموارد الطبيعية وممكن تساعد الأطباء يكتشفوا أمراض في مراحلها المبكرة جدًا، ويقيسوا نشاط القلب أو الدماغ بدقة ما كناش نتخيلها قبل كده، وده يعني تشخيص أسرع وعلاج أدق.
الجميل في القصة دي مش بس التكنولوجيا نفسها، لكن إن الاكتشاف ده بيخلي أي حد مهتم بالفيزياء يحس إنه قريب من عالم الكم الغريب والمذهل، لإنه معادش بس موجود جوه الذرات، لكنه ممكن يظهر ويتحكم فيه عمليًا. العلماء دول قدروا يلمسوا حدود النظريات ويطبقوها على الواقع، وده بيخلي الناس العادية تبص على العلم بطريقة مختلفة: مش بس كأرقام أو قوانين، لكن كأشياء ممكن نلمسها ونستفيد منها في حياتنا اليومية.







